رواية كل رجل تأليفغ فيليب روث:
الرواية عن رجل يهودي مؤمن بأن لا حياة بعد الموت، وهو الأمر الذي يتناقض مع فكرة المسرحية القديمة «كل رجل»، والتي تدور فكرتها على كل رجل يموت يُبعث ويحاسب على ما فعله في دنياه، وعلى رغم هذه المعارضة الفنية التي يقدمها فيليب روث، إلا أننا يمكننا اعتبار عمله رواية موت بالدرجة الأولى، بدءاً من موت الأب والأم وصولاً إلى موت البطل الذي تبدأ به الرواية، لنجد أنفسنا أمام «فلاش باك» طويل يقاطع فيه الماضي مع الماضي التام وربما التام المستمر.
..
مراجعة قارئة:
لا أعلم هل يجب أن أصف تلك الرواية بأنها رواية مؤلمة، أم أنها رواية مرعبة
أم أن الرعب منها سببه كل ذلك الألم وكل تلك المعاناة التي تصف بها حياة العجائز
قرأت منذ فترة رواية هكذا كانت الوحدة
عن حياة امرأة أربعينية، وتلك الفترة التي تصل عندها النساء إلى مفترق طرق
تبدأ في النظر إلى خلفها، إلى الماضي
وإلى تلك الوحدة التي تلتهم أيامها بصمت
حين تقرأ رواية فيليب روث، ستعتقد أنها جزء ثانِ من رواية هكذا كانت الوحدة لكن بقلم كاتب آخر
والفارق بينهما أن الأولى بطلتها امرأة
أما تلك فبطلها رجل
ولأن شباب الرجل دائمًا ما يستمر أطول
تجد البطل هنا عجوز سبعيني، لا يشتكي من الوحدة فقط
بل من ذلك الخواء والفراغ الذي يشغل أيامه
فراغ يشغله بمحاسبة نفسه ولومها
صحيح أنه اختار أن يعيش في وحدة، لكن ليس في وحدة غير محتملة. والأسوأ من أن تكون في وحدة غير محتملة هو أنه يتحتم عليك أن تتحملها، إما هذا أو إنك تغرق. أنت تحتاج إلى العمل الشاق لمنع عقلك من أن يُخربك بنظرته الجائعة على الماضي وفيضه الغزير
فقط حين تقترب من نهاية حياتك، وتشعر أنك أصبحت تقف على حافتها
تبدأ بالتطلع إلى تلك الأشياء التي فعلتها وتلك التي لم تفعلها
عمر بأكمله تسأل نفسك فيما أفنيته؟
فالتقدم في العمر ليس معركة؛ التقدم في العمر مذبحة
ويجد نفسه محاطًا بلا أحد، فقط الذكريات والمرض!
المرض الذي يتربص به منذ كان طفلاً وحتى موته
المرض مرعب، تتعذب وتعذب من حولك
تصبح بلا حول ولا قوة، أسير وعبد لذلك الألم
دائمًا المرض هو أسوء كوابيسي، أخشاه أكثر بكثير من الموت
وكأنه لا ينقصني ذلك، حتى صورّه الكاتب بأبشع صوره
من مرض البطل إلى مرض تلميذته ومرض زوجته ومرض أبيه.. إلخ
صورة مفزعة
دائمًا ما كنت أتمنى ألا أعيش كثيرًا، على أن أعيش ذلك العمر بسعادة
أن التفت خلفي لأجد شيء ما يستحق التقدير في هذا العمر القصير
وألا التفت فأجد كثير من الأيام، كثير من الشهور، كثير من السنين من اللاشيء
بعد قراءة تلك الرواية المرعبة
ستتحول تلك الأمنية إلى دعاء ابتهل به إلى الله وأرجو أن يقبله :)))
تمّت