يمثل كتاب { اللغة المنسية، مدخل إلى فهم الأحلام والحكايات والأساطير } مدخلًا لفهم الكلام الرمزي؛ إذ ينتقل بنا الكاتب بين طبيعة الكلام الرمزي ووروده في الأساطير والطقوس والحكايات، مرورًا بالحديث عن طبيعة الحلم، فتاريخ تفسير الأحلام وفن التفسير، كما يتطرق إلى دراسة النظرية الفرويدية لكن من زاوية الأحلام فقط.
يبتدئ فروم كتابه بمقدمة يذكر فيها أن الناس يرون أن كون المرء في حيرة من أمره يُعتبر مدلولًا مزعجًا على الدونية الذهنية، وهكذا نأخذ كلما تقدمت بنا السن نفتقد شيئًا فشيئًا إلى ملكة الدهشة؛ ربما كان هذا الموقف أحد الأسباب التي تؤدي إلى جعل الأحلام مدعاة لقسط ضئيل جدًا من الدهشة.
تتصف معظم الأحلام بأوصاف مشتركة؛ فهي لا تخضع لقوانين المنطق التي تحكم فكرنا في أثناء اليقظة وبذلك تتفتح حياة النوم على ذلك المستودع الهائل الذي يحتوي على خبراتنا الماضية وعلى ذاكرتنا والذي لا علم لنا بوجوده في حياة اليقظة. فالحلم اختبار راهن وواقعي وهو على درجة من الواقعية بحيث أنه يستثير لدينا سؤالًا مزدوجًا: ما الواقع؟ وكيف يتسنى للمرء أن يدرك أن ما يراه في الحلم لا يتصف بالواقعية وأن الخبرة المُعاشة في أثناء اليقظة هي الواقعية؟
نجدُ في الأسطورة أحداثًا دراماتيكية لا يمكن أن تحصل في عالم يخضع لقوانين الزمان والمكان كانت قد ابتدعتها الشعوب القديمة، ومع ذلك تضل الأساطير والأحلام مشتركة بصفة هي أنها كلها مكتوبة باللغة الرمزية؛ فقط كان البشر الذين عاشوا فيما مضى يعتبرونها من أعمق وأغنى الأشكال التعبيرية التي يتفتق عنها الذهن، ومن يقصر عن إدراكها وفهمها يُعَد في عداد الجهلة.
“الأحلام والأساطير في الواقع رسائلٌ هامة ترسلها ذواتُنا إلى ذواتِنا”.