main-logo

مكتبة مستقلة متخصصة في بيع كتب الأدب والفنون والفلسفة وعلم النفس وأدب الطفل.

عن الدين: خطابات لمحتقريه من المثقفين

شلايرماخر

٣٣

يعتبر الفيلسوف الألماني الكبير فريدريك شلايرماخر (1768- 1834) من رواد نظرية التأويل في العصر الحديث، فهو الذي بذر البذرة الأولى لفكرة "الهِرْمِنيوطيقيا" في نهاية القرن الثامن عشر من خلال كتابه الماتع "عن الدين: خطابات لمحتقريه من المثقفين" الذي هو بصدد الدراسة والتحليل، وتطور المفهوم مع وليام دلتاي ومارتن هايدغر، ثم نضج مع هانز جورج غادامير تلميذ هايدغر، ولم يصل إلى العربية إلا بعد عشرات السنين؛ مع الشيخ أمين الخولي في مصر، وفي إيران مع الشيخ محمد مجتهد شبستري.

فشلايرماخر مصلح لاهوتي بروتستانتي عاش في عصر تم انتقاد الدين فيه نقدا لاذعاً، وأصبح لتفسير الكتاب المقدّس تفسيرا عقليا محضا، وهذا ما عبّر عنه إيمانويل كانط في تمهيده للطبعة الأولى لنقد العقل الخالص: "إنّ قرنَنا الحالي هو بالخصوص قرن النقد الذي ينبغي أن يخضع له كل شيء. عبثا يحاول الدين بقدسيته، والشريعة بجلالها، التملص منه؛ إنهما بمحاولتهما تلك إنما يقومان بإثارة مزيد من الشكوك المشروعة ضدهما، ويحرمهما من التطلع إلى نيل التقدير الصادق من قِبَل العقل الذي لا يمنحه إلا لمن استطاع أن يصمد أمام امتحانه الحر والعلني".

 

وفي هذا السياق انبرى شلايرماخر في كتابه "عن الدين" لإعادة صياغة فهم جديد للدين؛ فهمٌ مُتعال عن المساجلات العقلية والمنطقية، فهم يكتسي صبغة الإيمان والتّسليم والتّصديق للحقائق الدينية التي نسفها العلم الحديث بعقلانيته المفرطة. يقول: "مهمتنا هنا هي ترسيخ معنى الدين وتلخيصه مما التصق به". وهو كما في العنوان –أي الكتاب- "خطاباتٌ لمحتقريه من المثقّفين" موجّه إلى تلك النخبة المثقفة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر التي احتقرت الدين ورأت فيه عاملا للتّخلف يكرّس العبودية، بينما قدّست العقل وبجّلت الاستدلالات المنطقية وجعلتها ملاذا للانعتاق والفهم الحرّ.. فهذا الكتاب مدخلٌ للفكر الديني الغربي، وفيه -إن شاء الله- سنكشف عن نقاط التلاقي بينه وبين الفكر الديني في الإسلام.

الدين في جوهره حال من أحوال الحياة الواقعية، فهو الطريقة الجدية الوحيدة للبحث عن الحقيقة، وشلايرماخر ليس بمعزل عن هؤلاء العارفين الذين تذوّقوا الأسرار المقدسة وباحوا لنا بها بلغة شاعرية ونافحوا عنها بكل استماتة

"عن الدين: خطاباتٌ لمحتقريه من المثقّفين" إنه كتاب للروح، يكتنه أسرارها ويسبر أغوارها، وتجربة باطنة وقوة كامنة تُشعر القارئ بالوجود كما أشعرت الكاتب. "إن الجوهر الذي يقوم عليه فهمكم لهوية الدين ومركزيته يجب ألا ينتمي لا للفكر ولا للمعالجة الفلسفية، وإنما يقترب من قيم الحدس والشعور. الحدس بوصفه علاقة فطرية ترتبط بالكون، وما له من مظاهر لا يمكن عقلنتها" وإذا كانت التجربة الدينية في عمقها عند شلايرماخر هي جوهر الدين فإنّ الدين عند محمد إقبال -الذي أعاد بناء اللاهوت الإسلامي- هو في جوهره تجربة، لأنّ الدين سعي صادق صحيح يستهدف توضيح الشعور الإنساني. خمسة خطابات شكّلت رؤية وجدانية إشراقية للدّين، فصّلها الكاتب في:

الخطاب الأول: دفاعاً عن التجربة الدينية.

الخطاب الثاني: عن جوهر الدين.

الخطاب الثالث: عن التثقيف للدين.

الخطاب الرابع: البعد الاجتماعي للدين.

الخطاب الخامس: حول الأديان.

٣٣
نفدت الكمية
منتجات قد تعجبك