يتضمن كتاب قصائد من كافافيس دراسات نقدية وترجمة لمجموعة كبيرة من الأشعار المنشورة للشاعر اليوناني كفافي أو كفافيس الذي عاش أغلب حياته في الإسكندرية. وفي نهاية الكتاب هوامش بعضها مطول لشرح الغامض في أشعار كفافيس.
تلقي الدراسات أضواء كثيرة على حياة كفافيس وعصره وفنه من ناحية الشكل والمضمون والأشعار - برغم أن الترجمة معروف أنها تفقد الشعر كثيرا من جماله- تبدو بسيطة وقريبة للقلب وفيها حس إنساني عالي.
وتعيد هذه الأشعار رسم - أو في الواقع إعادة إحياء - لحظة إنسانية ربما تكون عادية أو مبتذلة وإعطاءها شحنة انفعالية قوية وذلك بربطها بذكرى معينة أو بمكان قريب للقلب.
هناك أيضا فكرة الزمن وتأثيره على الأشخاص, وكيف أن الإنفصال بين شخصين يمكن اعتباره أداة عمل فني يستخدمها الزمن ليثبتهما عند لحظة الشباب والجمال بحيث يتذكر كل منهما الآخر وهو في أجمل وأروع صورة
هناك القصائد "التاريخية" التي يتركز أغلبها حول فترة معينة ما بين القرن الثالث قبل الميلاد والرابع الميلادي, وهي فترة الحضارة الهللنستية ما بين اليونان والعصر البطلمي ثم البيزنطي في اليونان وروما والإسكندرية وانطاكية بسوريا. وفي هذا الإختيار نجد العنصر الذاتي لكفافيس اليوناني الذي يعيش في الإسكندرية, وهو يتحدث كثيرا في قصائده عن مواطنين إغريق في روما القديمة أو الإسكندرية البطلمية أو سوريا في العصر البيزنطي. وهذه القصائد التاريخية ليس مقصودا بها التاريخ في حد ذاته دائما. هناك منها بالفعل ما هو تمجيد أو رثاء لأمجاد الحضارة الإغريقية القديمة, ومنها ما يستخدم التاريخ فقط كخلفية لوصف لحظة إنسانية والمشاعر المصاحبة لها, حتى في حالة الأباطرة والملوك والمشاهير فهو يختار لحظة ضعف أو هزيمة أو سخرية من مظاهر العظمة والأبهة
أما القصائد "الشبقية" فهي أيضا مثل القصائد التاريخية ليست مقصودة لذاتها دائما, وهي أيضا تلتقط لحظة أو مشهد إنساني بسيط بكل ما فيه من شعور وأفكار وزمان ومكان وتفاصيل مادية صغيرة توحي بكل ما سبق في إيجاز شديد: الظلال والألوان والحوائط وملمس الأشياء وأماكن قطع الأثاث ...إلخ. وكما يقول المترجم نعيم عطية فإن فن كفافيس يعتمد أساسا على الحذف لا الإضافة. والمترجم في هوامشه لهذه القصائد "الشبقية" يبدو حريصا جدا على تذكير القارىء أنه لا يجب أن يأخذ هذه القصائد حرفيا على أنها تمثيل لحب أو شهوة بين رجلين, وينبهنا أن بعض هذه القصائد مكتوب بلغة يمكن تأويلها على أن الطرف الآخر يمكن أن يكون رجل أو امرأة. وفي رأيي أن هذا تزيد من المترجم, لأن كفافيس نفسه لم يكن يخفي ميوله المثلية
قصائد أخرى يمكن أن نطلق عليها تأملية أو فلسفية, عن الزمن والذاكرة والحياة والموت والجمال وعلاقة الفن بالحياة, والشاعر فيها يبدو من مدرسة "الفن للفن" وتكرر أفكار تمجيد الجمال الحسي وتمجيد الفن أكثر من الحياة نفسها, حيث نجد فكرة تتكرر كثيرا : أن الفن هو الخالد أكثر من البشر ومن الملوك ومن الإنتصارات والأمجاد الأخرى
-من مراجعة قارئ عبر قودريدز (بتصرف)