أتخيّل أن بذرة كتاب "كيف يمكن لبروست أن يغير حياتك" كانت مراجعة لرواية "البحث عن الزمن المفقود" لكنها استطالت حتى تحولت إلى كتاب يزيد على المئتين صفحة. على أية حال، لا بد أنها مراجعة عميقة متناسبة مع الحجم الضخم لكتاب مارسيل بروست (7 مجلدات).
يبدو أن فكرة "العزاءات" والبحث عن دواء لهموم حياتنا تطارد آلان دي بوتون. ولم لا؟ لعلها تطاردنا وتعذبنا جميعا. يكتب بوتون متأملا حياة مارسيل بروست، مستخرجا الكنوز الكامنة في روايته "البحث عن الزمن المفقود". في رحلةٍ شيّقة تناول الكاتب مواضيع المرض والهشاشة، معرفة الذات، الحب، الفنّ، الصداقة، القراءة والإدراك والتفكير.
في فصلٍ لافت بعنوان "كيف تعاني بنجاح؟" يستعرض بوتون صنوف المعاناة التي تعرّض لها بروست في حياته، ويقتبس منه قوله "تفقد البلايا، إثر تحوّلها إلى أفكار، بعضًا من سلطتها على إيذاء قلوبنا".
لكن ذكاء بوتون وسعة اطلاعه تجعله يُشير إلى أنه "في الغالب تُخفق المعاناة في التحوّل إلى أفكار، وبدلًا من منحنا إحساسًا أفضل بالواقع، فإنها تدفعنا باتجاهٍ مميت حيث لا نتعلّم أي شيء". فأي معاناةٍ أشدّ مرارة من تلك التي لا تثمر شيئا وراءها؟
أُعجبت كثيرًا بفصل "كيف تفتح عينيك". أعتقد أن المرء بحاجة لمن يذكره باستمرار بالأمور التي تستحق منه الانتباه. أما فصل "كيف تقلِّل من أهمية الكتب" فلا يعني حرفيًا الحطّ من شأن الكتب ولكنه يبصِّرنا لمخاطر أخذها بجدية أكثر من اللازم. من أجل أن تكون علاقتنا "صحية" مع كتب الآخرين، فإنه حتى أفضل الكتب يستحق رميه جانبًا.
(مراجعة قارئة)
